يعاني القطاع العقاري ركوداً كبيراً منذ سنوات، انعكس على أسعار الشقق التي شهدت انخفاضاً وصل إلى 30% وأكثر في بعض المناطق، نظراً لحاجة المطوّرين العقاريين إلى السيولة. وعلى رغم حاجة الشباب إلى تملّك منازل، لم يشهد القطاع تحسناً كان متوقعاً بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة، بل راوحت الأزمة مكانها ولا زالت.
أسباب ركود القطاع العقاري عديدة منها ما يرتبط بالوضعين السياسي والإقتصادي داخل لبنان ومنها ما يتخطاه ليشمل الأزمة التي شابت العلاقات اللبنانية الخليجية وارتدّت سلباً على القطاع وعلى تحويلات المغتربين اللبنانيين. اليوم هناك فرصة لتحريك القطاع العقاري فيما لو افترضنا أنّ آلاف العاملين في القطاع العام من اداريين واسلاك عسكرية ومعلمين، لم يكونوا قادرين على الإستدانة لتملك شقّة نظراً لرواتبهم االمتدنّية، وبعد الزيادات التي طرأت على رواتبهم بفعل سلسلة الرتب والرواتب، أصبح بمقدورهم الحصول على قرض سكني يغطي كامل سعر الشقّة، بالتوازي مع خفض كلفة الفائدة في المؤسسات الإسكانية.
بالتالي كيف ستنعكس مفاعيل السلسلة على السوق العقاري؟ هل سيشهد طلباً؟ وهل سيؤدي الإرتفاع في الطلب إلى ارتفاع أسعار الشقق أو إلغاء الحسومات؟
وفق مقاربة رئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء مارون الحلو، توافرالإمكانية لدى القطاع العام وإقدام هذه الشريحة على الإستدانة بقصد تملّك شقق سيشكل بطبيعة الحال قوّة دفع للتطوير العقاري، ستظهر نتائجها في المناطق وليس في المدن، وفي الشقق ذات المساحات الصغيرة بحدود 100 متر أو أكثر بقليل. الحلو وفي حديث لـ”لبنان 24″ استبعد أن تحقق الزيادات التي طرأت على رواتب القطاع العام نتائج سريعة في السوق العقاري، وقال: “أتوقع أن يحتاج الأمر ما بين ستة أشهر وسنة، لنتبين مدى تأثير هذه الزيادات على الإقبال على شراء المساكن، والذي يظهر من خلال تسجيل هذه الشقق في الدوائر العقارية، ومن خلال عمل احصائي يشمل الشقق الغير مباعة في الفترة الحالية”.
الأسعار والحسومات على حالها
وعن امكان رفع أسعار الشقق نتيجة الطلب المتوقّع استبعد مارون أن يلجأ المطوّرون العقاريون إلى رفع الأسعار نظراً لحاجتهم لتصريف ما بنوه من شقق لم تباع، ” قد تبقى الحسومات على أسعار الشقق بنسبة تترواح بين 20 و30%، ليتمكنوا من تصريف كلّ هذه المباني التي تشكل أموالاً جامدة، كما أنّ المطور يحتاج إلى استرجاع ماله الخاص كونه يخسر فوائده في ظل الجمود الحاصل”، ويلفت الحلو إلى أنّ الضرائب التي فُرضت في مشروع تمويل السلسلة تنعكس سلباً على القطاع ويمكن أن تؤخر عملية شراء العقارات.
وعن توصيف حال القطاع العقاري اليوم يرى الحلو أنّ الوضع يراوح مكانه على رغم بعض الإنفراجات التي حصلت في الأشهر الستة الأولى من العام 2016 ، “واليوم هناك تقّدم يحصل في بعض الأشهر وتراجع في أخرى ،ففي شهر حزيران العمليات التي حصلت هي أدنى بألف عملية عن شهر أيار، ولكنّ العملية العقارية تُحتسب بشكل تراكمي لا من خلال شهر واحد. ويمكن القول إنّه رغم انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف الحكومة وإرسال مشروع الموازنة الى مجلس النواب وإنجاز قانون الإنتخاب، لم تنسحب المفاعيل الإيجابية على الصعيد الإقتصادي،لأنّ الوضع الاقتصادي بحالة جمود في شتّى القطاعات، ولا يمكن أن يشهد تحسناً بغياب النمو”.
الإتكال على الذات عنوان المرحلة
الحلو لا يرى سبيلاً للخروج من التباطؤ الإقتصادي سوى بالإتّكال على الذات “كان من المتوقع أن تتمكن حكومة الرئيس سعد الحريري من الحصول على مساعدات من الخارج، سواء من البنك الاوروبي أو من البنك الدولي أو من الصناديق العربية، ولكن هذا لم يحصل، والحل باعتماد اللبنانيين على أنفسهم وتحريك الحركة الاقتصادية ورفع النمو، وعندها تدخل الامور بمرحلة جديدة”.
وأولى خطوات الإنطلاق من القدرات الذاتية تكمن وفق مقاربة الحلو بانجاز قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص،لاستثمار الوفر الحاصل في المال الخاص بانجاز البنى التحتية، الأمر الذي من شأنه أن يشكّل قوّة دفع.
بالخلاصة مصائب قوم عند قوم فوائد، وموظفو القطاع العام أمام فرصة ذهبية لإنفاق المداخيل الإضافية بفعل السلسلة من أجل تملّك منازل بأسعار مناسبة.